التوسع الاستعماري الإسرائيلي في بيت لحم: مصادرة الأراضي واعتداءات المستعمرين

التوسع الاستعماري الإسرائيلي في بيت لحم: مصادرة الأراضي واعتداءات المستعمرين

مع اقتراب ما يقارب أحد عشر شهرا على حرب الإبادة الجماعية في قطاع غزة، تواصل إسرائيل تكثيف هيمنتها الاستعمارية في الضفة الغربية من خلال الاستيلاء على الأراضي وبناء المستعمرات. بالإضافة الى ازدياد هجمات واعتداءات المستعمرين في جميع أنحاء محافظة بيت لحم، غالبا بتحريض من وزير المالية الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريتش، قررت إسرائيل بناء 6 مستعمرات جديدة. سياسات منظومة الاستعمار والفصل العنصري الاسرائيلي غير القانونية هذه مستمرة منذ 76 عامًا، آخذة في التصاعد في الحجم والنطاق في ظل رفض الدول المتواطئة محاسبة إسرائيل وفرض العقوبات عليها، بل وقيامها بمكافئة جرائم إسرائيل بالدعم العسكري والمالي.

ان محافظة بيت لحم محاطة بالمستعمرات الإسرائيلية، بما في ذلك تجمع مستعمرات عتصيون من الشمال والغرب والجنوب والجنوب الشرقي. وتواجه المحافظة منذ فترة طولية تهديدات بمصادرة اراضيها وسياسات التوسع الاستعماري، بما في ذلك التهجير القسري وهدم المنازل وسرقة الأراضي المصحوبة باعتداءات المستعمرين. ففي 27 تموز 2024، وافقت إسرائيل على إنشاء مستعمرة "ناحال هيليتز" على أراضي ضواحي بيت لحم، بهدف عزل المحافظة وربط تجمع مستعمرات عتصيون (المكون من 24 مستعمرة) بالقدس ومصادرة كل ما بينهما كجزء من مخطط "القدس الكبرى".

من المقرر أن تقام مستعمرة "ناحال هيليتز" على أراضي قرية بتير ووادي المخرور في بيت جالا اللتين تعدان جزءًا من موقع التراث العالمي لليونسكو، بالإضافة إلى قريتي الولجة وحوسان. ويهدد هذا القرار بتهجير الفلسطينيين قسرًا، وزيادة عزل المجتمعات والقرى الفلسطينية وتفكيكها.

أشاد سموتريتش بالقرار في اليوم التالي لتسلّمه سلطة الشؤون المدنية في الضفة الغربية في شباط 2024 ، مدعياً ​​أن هذا القرار جاء رداً على اعتراف عدة دول بفلسطين، وكشكل من أشكال العقوبات ضد السلطة الفلسطينية. وفي 14 آب، وفي أعقاب تحديد الإدارة المدنية الإسرائيلية لمنطقة مستعمرة "ناحال هيليتز"، صرح سموتريتش: "لن يوقف أي قرار معادٍ لإسرائيل والصهيونية من تطوير المستوطنة. سنواصل محاربة الفكرة الخطيرة المتمثلة في الدولة الفلسطينية وسنواصل فرض الحقائق على الأرض. هذه هي مهمة حياتي وسأواصلها بقدر المستطاع".

على إثر تصريحات سموتريتش، صعّد المستعمرون هجماتهم على الفلسطينيين. ففي 31 تموز، اقتحم المستعمرون، بحماية الجيش الاسرائيلي، أرضا لعائلة قيسية في منطقة المخرور، وهجّروا العائلة قسرا. وتأتي هذه الممارسات للمستعمرين في إطار اعتداءاتهم لتوسيع مستعمرة "نيفيه أوري" التي أقيمت في العام 2019 على بعض الأراضي المملوكة لعائلة قيسية.

وفي قرية المالحة، بالقرب من بلدة زعترة في بيت لحم، يقتحم المستعمرون وبعض من المسؤولين الإسرائيليين بمن فيهم سموتريتش، القرية أسبوعيًا بزعم مراقبة "البناء غير القانوني" والتهديد بتنفيذ عمليات الهدم. وقد قادت منظمة ريجافيم، وهي منظمة إسرائيلية شارك سموتريتش في تأسيسها وتعمل بنشاط على تهجير التجمعات الفلسطينية وتوسيع المستعمرات، الحملة ضد المالحة. وفي أعقاب تقديم ريجافيم للعديد من التقارير، زادت السلطات الإسرائيلية من مراقبتها للمالحة وازدادت تهديدات هدم المباني.

كما تزايدت اعتداءات المستعمرين بشكل كبير في كافة قرى وبلدات محافظة بيت لحم، ففي 25/8/2024، قام مستعمرون بجرف الأراضي الزراعية الفلسطينية واقتلاع الأشجار وإطلاق النار على العديد من المنازل في خلايل اللوز، وفي 26/8/2024، هاجم المستعمرون قرية وادي رحال، مما أدى إلى استشهاد رجل فلسطيني يبلغ من العمر 40 عامًا وإصابة خمسة آخرين.

إن مصادرة الأراضي الفلسطينية واعتداءات المستعمرين ليست جديدة، بل هي أدوات وسياسات تستخدمها منظومة الاستعمار والفصل العنصري الإسرائيلي لترسيخ الاستعمار والهيمنة على الاراضي الفلسطينية وعزل وتهجير السكان الفلسطينيين. وتحت مظلة الإبادة الجماعية الإسرائيلية في قطاع غزة، تصاعدت هذه السياسات والممارسات حتى بلغت درجات قصوى، مدعومة بقرارات وتصريحات تحرض على شن الهجمات وتتعهد بالإفلات من العقاب.

 إنّه لمن واجب جميع الدول اتخاذ تدابير وإجراءات عملية ملموسة لوقف التهجير القسري المستمر، وسياسات الاستعمار والفصل العنصري الاسرائيلية؛ وذلك من خلال فرض عقوبات على متكاملة بموجب القانون الدولي. وبخلاف ذلك، وفي ظل استمرار الدول في رفض فرض العقوبات على إسرائيل ومواصلتها تقديم الدعم السياسي والمالي والعسكري لها، فإن جريمة تواطؤ تلك الدول تتعمق أكثر.